أولا حكم الذكر لمن ليس علي طهارة {1}
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم
"
"قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة . ومن يسر على معسر ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة . ومن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة . والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه . ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة . وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده . ومن بطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه . غير أن حديث أبي أسامة ليس فيه ذكر التيسير على المعسر .
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2699
خلاصة حكم المحدث: صحيح
رجاء لكل من يقرأ ويطلع علي هذه السلسلة من الأحكام أن يستمر فى قراءة الموضوع
لأن الأحكام الفقهية تنبنى على نقاط وأدلة... وإلا سيقع عندك الحكم علي غير المراد به.
التمهيد
"
"
اختلف العلماء من الفقهاء والمحدثين من السلف والخلف بين مانع , وكاره , ومبيح , فى"
حكم الذكر وقراءة القرآن وسجود التلاوة وسجود الشكر ودخول المسجد والطواف ومس المصحف للمحدث حدثا أكبر كالجنب , سواء كان بالجماع أو الاحتلام , كالحائض والنفساء ,
ومن أحدث حدثا أصغر كالغائط والبول ونحوه ..
"
"
وقد أجمع الفقهاء :
علي منع الجنب والحائض من قراءة القرآن ومس المصحف , واستثنوا
الحائض فى حال التعليم والتعلم وأن تمسه بحائل....
"
وقال المحدثون :
لم يصح حديث فى قراءة القرآن ومس المصحف ولا المكث فى المسجد... ولم يرو بأس من ذلك.
الحائض والنفساء لهما أحكام شرعية خصهما بها الله سبحانه وتعالي ورسوله صلي الله عليه وسلم .
وبحثنا مداره حولهما , لاشتراكهما فى أكثر الأحكام , ويأتى تبيعا لهما الحديث عن الجنب والمحدث حدثا أصغر .
فالحيض حالة تبتلي بها بنات آدم عليه السلام , من حيث الفطرة والجبلة , إبتلاءً معتاداً
يتكرر مدي الزمان...
وماكان كذلك فالدواعى تتوفر علي نقل الأصول التى تمس الحاجة فيه إليها .
"
"
ونظرا لكثرة الكلام والسؤال عن تلك الأحكام , أردت بعد استخارة العليم الوهاب والاستعانة به سبحانه رب الأرباب , وطلب عونه ومدده البر التواب , الاجتهاد فى البحث عن هذه الأحكام وقد
سبقنى إليه الكثير من السلف والخلف .
ولن أدعى العلم ... فكيف لمثلى أن أسطر سطوراً أستقيها من بحور علم من سبقنى من أهل
السنة والجماعة , أهل العلم والفضل والفقه والبحث والاجتهاد .
"
ولا أقول جئت به من نفسى , بل هو فضل ربى سبحانه وتعالي أولاً وآخراً , ثم فضل علم
علموه للأجيال .. عظيم بعظم ماجتهدوا فيه , دين الله وشرعه , وهو باق وخالد .
وقد سألت ربى ذا الفضل والمنن والإكرام , زيادة فهم وعلم ونفع بإذن الله .
"
ولأهمية القرآن فى حياة المسلم ولحياة المسلم ولأنه منهاج حياة يستحق أن نجتهد ونبحث ..
بلا رأي أو تكلم أو هوي ...
قد حملنى علي الاجتهاد والبحث للوقوف علي دليل بالتحريم أو المنع أو الكراهة أو الإباحة
نحو هذه الأحكام , من كتاب الله وسنة رسولنا الكريم الرؤوف الرحيم صلي الله عليه وسلم,
دون تحيز لمذهب معين .
"
"
المسألة الأولي
حكم الذكر لمن ليس علي وضوء
حكم الذكر لمن ليس علي وضوء
"
"
اختلف أهل العلم فى هذه المسألة علي ثلاثة أقوال :
1 - أنه لاينبغى لأحد أن يذكر الله تعالي بشئ , إلا وهو علي حال يجوز له أن يصلى عليها .
2 - أنه لاينبغى ذلك حال قضاء الحاجة فقط .
3 - جواز ذكر الله علي كل حال .
استدل الفريق الأول بما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن أبى الجهم قال " أقبل النبي صلي
الله عليه وسلم من نحو بئر * جمل , فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلي الله عليه
وسلم , حتي أقبل علي الجدار فمسح بوجهه ويديه , ثم رد عليه السلام ".(1)
"
قالوا:
فبهذا رخص للذى يُسلم عليه وهو غير طاهر أن يتيمم ويرد السلام . لأن السلام إسم من أسماء الله تعالي .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " باب : التيمم فى الحضر "
وهو مقتضي صنيع البخاري , ولكن تعقب استدلاله به علي جواز التيمم فى الحضر بأنه
ورد علي سبب , وهو إرادة ذكر الله , لأن لفظ السلام من أسمائه , وماأريد به استباحة الصلاة .
وأجيب بأنه تيمم فى الحضر لرد السلام , مع جوازه بدون طهارة .انتهي
قال الشيرازى رحمه الله :
ويكره أن يرد السلام أو يحمد الله إذا عطس أو يقول مثل ما يقول المؤذن , لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إنى كرهت أن أذكر الله تعالي إلا علي طهر ".
قال الإمام النووي رحمه الله :
ماذكره المصنف كراهة تنزيه لاتحريم بالاتفاق .انتهي (2)
"
"
وجاء الفريق الثانى راداً علي من استدل بحديث أبى الجهم علي حرمة ذكر الله للمحدث حدثا أصغر , وذلك لما رواه مسلم والجماعة إلا البخاري...
"
اختلف أهل العلم فى هذه المسألة علي ثلاثة أقوال :
1 - أنه لاينبغى لأحد أن يذكر الله تعالي بشئ , إلا وهو علي حال يجوز له أن يصلى عليها .
2 - أنه لاينبغى ذلك حال قضاء الحاجة فقط .
3 - جواز ذكر الله علي كل حال .
استدل الفريق الأول بما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن أبى الجهم قال " أقبل النبي صلي
الله عليه وسلم من نحو بئر * جمل , فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلي الله عليه
وسلم , حتي أقبل علي الجدار فمسح بوجهه ويديه , ثم رد عليه السلام ".(1)
"
قالوا:
فبهذا رخص للذى يُسلم عليه وهو غير طاهر أن يتيمم ويرد السلام . لأن السلام إسم من أسماء الله تعالي .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " باب : التيمم فى الحضر "
وهو مقتضي صنيع البخاري , ولكن تعقب استدلاله به علي جواز التيمم فى الحضر بأنه
ورد علي سبب , وهو إرادة ذكر الله , لأن لفظ السلام من أسمائه , وماأريد به استباحة الصلاة .
وأجيب بأنه تيمم فى الحضر لرد السلام , مع جوازه بدون طهارة .انتهي
قال الشيرازى رحمه الله :
ويكره أن يرد السلام أو يحمد الله إذا عطس أو يقول مثل ما يقول المؤذن , لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " إنى كرهت أن أذكر الله تعالي إلا علي طهر ".
قال الإمام النووي رحمه الله :
ماذكره المصنف كراهة تنزيه لاتحريم بالاتفاق .انتهي (2)
"
"
وجاء الفريق الثانى راداً علي من استدل بحديث أبى الجهم علي حرمة ذكر الله للمحدث حدثا أصغر , وذلك لما رواه مسلم والجماعة إلا البخاري...
عن ابن عمر رضي الله عنهما : "أن رجلاً مر , ورسول الله صلي الله عليه وسلم يبول , فسلم , فلم يرد عليه "(3)
قال الإمام النووي رحمه الله :
وفيه أن المسلم فى هذا الحال لايستحق جواباً , وهذا متفق عليه ,
وقال أصحابنا :
ويكره أن يسلم علي المشتغل بقضاء حاجة البول والغائط , فإن سُلم عليه كره له رد السلام .
ويكره للقاعد علي قضاء الحاجة أن يذكر الله تعالي بشئ من الأذكار ,
قالوا :
فلا يسبح , ولا يهلل ولايرد السلام , ولا يشمت العاطس , ولايحمد الله تعالي إذا عطس , ولا يقول مثل مايقول المؤذن ..
قالوا :
وكذلك لايأتى بشئ من هذه الأذكار فى حال الجماع , وإذا عطس فى هذه الأحوال يحمد الله
فى نفسه ولا يحرك به لسانه .
وهذا ماذكرناه من كراهة الذكر فى حال البول والجماع , هو كراهة تنزيه لاتحريم . انتهي(4)
وله شاهد آخر من حديث جابر رضي الله عنه
"أن رجلاً مر علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال النبي عليه الصلاة والسلام :إذا رأيتنى علي مثل هذه الحالة فلا تسلم علي فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك "(5)
قال الإمام الشافعي رحمه الله "الأم "كتاب الطهارة
أن السلام اسم من أسماء الله تعالي , فإذا رده رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل التيمم , وبعد التيمم فى الحضر , والتيمم لايجزئ المرء ,
وهو صحيح فى الوقت الذى لايكون التيمم فيه طهارة للصلاة ... دل ذلك علي أن ذكر الله عز وجل يجوز والمرء غير طاهر للصلاة . انتهي
قال العلامة المباركافورى:
إنما يكره رد السلام إذا كان علي الغائط أو البول , أما إذا فرغ وقام فلا كراهة فى رد السلام .انتهي (6)
قال العلامة الألباني رحمه الله تعقيباً علي حديث جابر :
والحديث يختص بالذكر الذى يشمل التكبير والتهليل والتسبيح والحمد ... أما كلام الدنيا الذى ليس فيه ذكر ,فلا دليل علي منعه حال قضاء الحاجة . فتنبه . انتهي (7)
* - قال الحافظ بن حجر : وفيه جواز التيمم مع وجود الماء عن قرب , قال " نحو بئر جمل "
والبئر يعنى وجود الماء.انتهى -نفس الباب -.
1 - البخاري - كتاب التيمم حديث (337) مسلم كتاب الحيض (820).
2 -كتاب المجموع للشيرازى - الجزء الثاني - ص (74) شرح النووي.
3 - صحيح مسلم - حديث (821) كتاب الحيض .
4 - شرح صحيح مسلم باب : من لم يرد السلام وهو يبول .
5 - صحيح ابن ماجة - حديث (287) صحيح الجامع وزيادته - الطهارة حديث(10).
6 - تحفة الأحوذى - الجزء الأول - الطهارة - ص (219).
7 - تمام المنة - تعليقا علي فقه السنة لسيد سابق رحمه الله - الجزء الأول ص(37)
الحاشية -قضاء الحاجة .
وقفات
فضلاً عن أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يرد السلام إلا علي طهارة أنه :
أ - قد يكون هذا خاصاً به عليه الصلاة والسلام لقوله " إذا رأيتنى" لأنه لو أراد
به تشريعاً للأمة لقال : " إذا رأيت أحداً علي هذه الحالة فلا تسلم عليه , أو نحوه من
الألفاظ .
ب - قد يكون الحديث نسخ بنزول أية الوضوء " يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاة .."
سورة المائدة (6)
ج - روي مسلم فى صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت" كان يذكر الله
علي كل أحيانه " الحيض (824) وبه قال ابن حزم وسيأتى بيانه إن شاء الله.
" الذى هو جزء من الذكر" علي من لم يتيقن طهارته , وهذا بيانه :
وصية الله لعباده:
قال الله تعالي :فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا علي أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين
الله لكم الآيات لعلكم تعقلون "النور (61)
جبريل عليه السلام يبلغ السلام من ربه لخديجة أم المؤمنين :
أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتت ، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب .
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
جبريل يلقى السلام على أم المؤمنين عائشة:
يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام . قلت : وعليه السلام ورحمة الله ، قالت : وهو يرى ما لا نرى .
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6201
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
خير الإسلام السلام :
أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير ؟ قال : ( تطعم الطعام ، وتقرأ السلام ، على من عرفت ، وعلى من لم تعرف ) . الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 28
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
مفتاح من مفاتيح الجنة السلام:
لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا . ولا تؤمنوا حتى تحابوا . أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 54
خلاصة حكم المحدث: صحيح
"
وكل هؤلاء لم يُتيقن طهارتهم.
وهذا الجواز لايختص بالسلام فحسب وإنما يتعداه لعموم ذكر الله تعالي فى جميع الأحوال,
والأدلة علي ذلك كثيرة منها :
قوله تعالي :" الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض " . آل عمران (191)
قال الإمام أبى حامد الغزّالي :
وأفضل الأحوال أن يقرأ فى الصلاة قائما وأن يكون فى المسجد , فذلك أفضل الأعمال ,
فإن قرأ علي غير وضوء وكان مضطجعا فى الفراش فله أيضا فضل ولكن دون ذلك .
فأثني الله تعالي علي الكل ولكن قدم القيام فى الذكر ثم القعود ثم الذكر مضطجعا.انتهي
إحياء علوم الدين - الجزء الأول - فى ظاهر آداب التلاوة ص(325).
قال الله تعالي : " واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولاتكن من الغافلين ".الأعراف (205)
قال النبي صلي الله عليه وسلم :
يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7405
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2700
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فظاهر هذه الأدلة يشير إلى مشروعية الذكر والسلام فى جميع الأوقات والأحوال دون تقيد
" إلا أثناء قضاء الحاجة من بول وغائط " وذلك للمحدث وغير المحدث .
وهذا غيض من فيض ... والله تعالي أعلي وأعلم .
الجزء الثانى هو " حكم الذكر بجوار مواضع النجاسة "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق