15
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -
الاختلاف إنما يُورِثُ شُبهة إذا لم تتبين سُنة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم .
فأما إذا تَبَيَّنَا أن النبى صلى الله عليه وسلم أرخص فى شئ , وقد كُرِهَ أن نتنزه عما تَرَخَص فيه , وقال لنا : " إن الله يُحب أن يُؤخذ برخصه كما يكره أن تُؤتى معصيته "(1).
فإن تنزهنا عنه , عصينا رسول الله عليه السلام , والله ورسوله أحق أن نرضيه , وليس لنا أن نُغضب رسول الله عليه السلام لشهة وقعت لبعض العلماء , كما كان عام الحديبية , ولو فتحنا هذا الباب لكنا نكره لمن أرسل هدياً أن يستبيح مايستبيحه الحلال لخلاف ابن عباس , ولكنا نستحب للجُنُب إذا صام أن يغتسل لخلاف أبى هريرة , ولكنا نكره تطيب المُحرِم قبل الطواف لخلاف عمر و ابنه ومالك , ومثل هذا واسع لا ينضبط .
وأما من خالف فى شئ من هذا من السلف والأئمة - رضى الله عنهم - فهم مجتهدون قالوا بمبلغ علمهم واجتهادهم , وهم إذا أصابوا فلهم أجران , وإذا أخطأوا فلهم أجر , و
الخطأ محطوط عنهم , فهم معذورون لاجتهادهم , ولأن السُنة - من العلماء وغيرهم - وتبين له حقيقة الحال , فلم يَبٌ له عُذر فى أن يتنوه عما تَرَّخَصَ فيه النبى عليه السلام,
ولا يَرغَب عن سُنَته لأجل اجتهاد غيره , فإنه قد ثبت عنه فى الصحيحين أنه بلغه أن أقواماً يقول أحدهم : أما أنا فأصوم ولا أفطر .... الحديث (2)
وفى الجملة , باب الاجتهاد والتأويل باب واسع ... انتهى (3)
(1) رواه أحمد وقال أحمد شاكر إسناده صحيح (5873)
(2)جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها ، فقالوا : أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر ، قال أحدُهم : أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا ، وقال آخَرُ : أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ ، وقال آخَرُ : أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني ) .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -
الاختلاف إنما يُورِثُ شُبهة إذا لم تتبين سُنة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم .
فأما إذا تَبَيَّنَا أن النبى صلى الله عليه وسلم أرخص فى شئ , وقد كُرِهَ أن نتنزه عما تَرَخَص فيه , وقال لنا : " إن الله يُحب أن يُؤخذ برخصه كما يكره أن تُؤتى معصيته "(1).
فإن تنزهنا عنه , عصينا رسول الله عليه السلام , والله ورسوله أحق أن نرضيه , وليس لنا أن نُغضب رسول الله عليه السلام لشهة وقعت لبعض العلماء , كما كان عام الحديبية , ولو فتحنا هذا الباب لكنا نكره لمن أرسل هدياً أن يستبيح مايستبيحه الحلال لخلاف ابن عباس , ولكنا نستحب للجُنُب إذا صام أن يغتسل لخلاف أبى هريرة , ولكنا نكره تطيب المُحرِم قبل الطواف لخلاف عمر و ابنه ومالك , ومثل هذا واسع لا ينضبط .
وأما من خالف فى شئ من هذا من السلف والأئمة - رضى الله عنهم - فهم مجتهدون قالوا بمبلغ علمهم واجتهادهم , وهم إذا أصابوا فلهم أجران , وإذا أخطأوا فلهم أجر , و
الخطأ محطوط عنهم , فهم معذورون لاجتهادهم , ولأن السُنة - من العلماء وغيرهم - وتبين له حقيقة الحال , فلم يَبٌ له عُذر فى أن يتنوه عما تَرَّخَصَ فيه النبى عليه السلام,
ولا يَرغَب عن سُنَته لأجل اجتهاد غيره , فإنه قد ثبت عنه فى الصحيحين أنه بلغه أن أقواماً يقول أحدهم : أما أنا فأصوم ولا أفطر .... الحديث (2)
وفى الجملة , باب الاجتهاد والتأويل باب واسع ... انتهى (3)
(1) رواه أحمد وقال أحمد شاكر إسناده صحيح (5873)
(2)جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها ، فقالوا : أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر ، قال أحدُهم : أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا ، وقال آخَرُ : أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ ، وقال آخَرُ : أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني ) .
صحيح البخارى - عن أنس بن مالك - حديث (5063).
(3) الفتاوى - فقه الطهارة والصلاة - جزء (11) مسألة (60/21 -64/21). ص(37-38).
-------------------------------------------------------------------------------
(3) الفتاوى - فقه الطهارة والصلاة - جزء (11) مسألة (60/21 -64/21). ص(37-38).
-------------------------------------------------------------------------------