الاثنين، 12 نوفمبر 2012

(12)

                               " هلك المتنطعون "

      وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم من اجتهد فشدد على نفسه (أخذاً بالأحوط)
خشية أن يصبح التنطع سُنة يُستَن بها .
      روى البخارى - رحمه الله -
 عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال " 
جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها ، فقالوا : أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر ، قال أحدُهم : أما أنا فإنا أُصلِّي الليلَ أبدًا ، وقال آخَرُ : أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ ، وقال آخَرُ : أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني ) .(1)

قال بن حجر - رحمه الله - فتح البارى
    إن منع تناول ذلك أحياناً ( أى المباحات ) يُفضِى إلى التَنَطُع المَنهى عنه , كما
أن الأخذ بالتشديد فى العبادة يُفضى إلى المَلَل القاطع لأصلها وملازمة الاقتصار على الفرائض مثلاً وترك التَنَفُل يُفضى إلى إيثار البطالة وعدم النشاط إلى العبادة , وخير الأمور الوسط .
وفى قوله إنى لأخشاكم لله مع مانضم إليه إشارة إلى ذلك , وفيه أيضاً إشارة إلى أن
العلم بالله ومعرفة مايجب من حقه أعظم قدراً من مُجرد العبادة البدنية .
 والله أعلم . انتهى .

                                 " لا اجتهاد مع النص "

      ولايجوز الاجتهاد مع نص صريح وذلك لما رواه البخارى ومسلم - رحمها الله -
وغيرهما
أَرَادَ عُثمان بن مَظعُون أن يَتَبَتَلَ . فَنَهَاهُ رُسول الله صلى الله عليه وسلم . وَلَو أَجَازَ لَهُ ذَلِكَ ، لَاختَصَينَا .(2)

 قال الإمام النووى - رحمه الله -
لو أذن له فى الانقطاع عن النساء , وغيرهن من ملاذ الدنيا لا ختصينا لدفع شهوة
النساء ليمكننا التبتل , وهذا محمول على أنهم كانوا يظنون جواز الاختصاء باجتهادهم ولم يكن ظنهم هذا موافقاً . انتهى

قال الله تعالى :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ "(3)


(1) صحيح البخارى - كتاب النكاح - حديث رقم (5063).
(2)البخارى - كتاب النكاح - (5073-74) مسلم - كتاب النكاح -(3392)واللفظ لمسلم.
(3) سورة المائدة (87).

-------------------------------------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق