السبت، 3 نوفمبر 2012


التمهيد


الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وزوجه وذريته أجمعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد :

الحائض والنفساء لهما أحكام شرعية خصها بهما الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وبحثنا مداره حولهما لاشتراكهما فى أكثر الأحكام , ويأتى تبيعاً لهما الحديث عن الجنب والمحدث حدثاً أصغر وأنواع الدماء ونواقض الطهارة .


.... اختلف العلماء من الفقهاء والمحدثين من السلف والخلف بين مانع , وكاره , ومبيح  فى حُكم الذكر وقراءة القرآن وسجود التلاوة وسجود الشكر ودخول المسجد والطواف ومس المصحف للمحدث حدثاً أكبر كالجُنب , سواء كان بالجماع أو الاحتلام أو غيره , والحائض والنفساء , ومن أحدث حدثاً أصغر كالغائط والبول ونحوه  , وكذلك أصحاب الأعذار .


.... وقد أجمع الفقهاء على منع الجُنب والحائض من قراءة القرآن ومس المصحف , واستثنوا الحائض فى حال التعليم والتعلم , وأن تمسه بحائل .


... وقال المحدثون : لم يصح حديث فى المنع من قراءة القرآن ومس المصحف أو المُكث فى المسجد , ولم يَرَو بأس من ذلك .
ولاشك أن تلاوة القرآن وحفظه من أعظم مايتقرب به المسلم إلى ربه عز وجل .


فالحيض حالة تُبتلى بها بنات آدم عليه السلام من حيث الفطرة والجِبلة , ابتلاءً معتاداً يتكرر مدى الزمان , وماكان كذلك فالدواعى تتوفر على نقل الأصول التى تمس الحاجة فيه إليها .

ونظراً لكثرة الكلام والسؤال عن تلك الأحكام , أردت بعد استخارة العليم الوهاب والاستعانة به سبحانه وتعالى رب الأرباب وطلب عونه ومدده البر التواب , الاجتهاد فى البحث عن هذه الأحكام للوقوف على القول الفصل .
وقد سبقنى إليه الكثير من السلف والخلف , وأملى فى الله كبير فى تحقيق ما أصبوا إليه من تيسير وتقريب هذا الأمر الشرعى إلى أبناء المسلمين .
وقد راعيت فى هذا الكتاب البحث والاجتهاد والرجوع إلى أقوال العلماء والوقوف على الدليل من الكتاب والسُنة , كما راعيت الإسلوب السهل البسيط كى يصلح أن يكون مرشداً ودليلاً لكافة المسلمين.

ولن أدعى العلم .. فكيف لمثلى أن أسطر سطوراً أستقيها من بحور علم مَن سبقنى , أهل الاقتداء ومن سار على هَدى النبى صلى الله عليه وسلم , النور الذى أشاع ضوؤه فى الآفاق فكانوا سراجاً أضاء البسيطة ,
 أهل العلم والفقه والبحث والاجتهاد .
ولا أقول جئت به من عندى , بل هو فضل ربى سبحانه وتعالى أولاً وآخراً , ثم فضل أهل العلم رحمهم الله . وأرجو من الله أن يكون هو الحق.
وقد سألت ربى ذا الفضل والمنن والإكرام , زيادة علم وفهم ونفع .آمين

.... ولأهمية القرآن فى حياة المسلم ولحياة المسلم ولأنه منهاج حياة يستحق أن نجتهد ونبحث بلا رأى أو تَكَلُم أو هوى , قد حملنى على الاجتهاد والبحث للوقوف على دليل نحو هذه الأحكام إما  بالتحريم أو المنع أو الكراهة أو الإباحة , من كتاب الله وسُنة رسولنا الكريم الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم , و دون التحيز لمذهب معين .

أولاً : تعريف الإجماع
الإجماع هو : كل ماتَيَقَنَ من الأصول بدليل من الكتاب والسُنة وأجمع عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعَلِمُوه وعملوا به وقالوا به ودعوا إليه ولم يختلف عليه منهم أحد , وورثناه عنهم رضوان الله عليهم أجمعين.فإن اتفق الصحابة على أمر , ماكان لأحد أن يخالفهم , لأنهم شاهدوا التنزيل وحضروا الوحى , فإذا اتفقوا على شئ كان القول به أقوى من القول بغيره إلا أن يخالف نصاً مرفوعاً .كما أنه يُرَجَحُ بروايتهم لشهرتهم بالعدالة والصدق والتثبُت فى النقل ولا يعرفون التدليس .
الإجماع نوعان : إجماع قطعى وإجماع ظنى
الإجماع القطعى هو : الذى يُعلم وقوعه من الأمة بالضرورة , يعنى الذى نَجزِم بأن الأمة اجتمعت عليه , هذا يسمى إجماع قطعى مثل الإجماع على وجوب الصلوات الخمس والصيام والزكاة والحج وتحريم الزنا والربا ..

مفهوم الإجماع عند الإئمة الأعلام

الإمام / أحمد بن حنبل - رحمه الله-
قال النيسابورى- رحمه الله-
ذكر بعض أكابر العلماء ومنهم الإمام أحمد بن حنبل , وقوع الإجماع بعد عصر الصحابة رضى الله عنهم , وذلك لأن المجتهدين فى ذلك العصر كانوا أفراداً معدودين معلومين , يَسهُل جمعهم واستشارتهم , أما بعد ذلك فإنهم كثيرون متفرقون فى الأقطار الإسلامية تفرقاً يتعذر معه جمعهم أو معرفة رأيهم فى المسألة الواحدة , بل أنكر بعضهم وقوع الإجماع مطلقاً حتى قال الإمام : أحمد بن حنبل " من ادعى الإجماع فهو كاذب , بحسب المرء أن يقول لا أعلم فى ذلك خلافاً بين أهل العلم , فلعله خالف فيه مخالف وهو لا يدرى".
والإنصاف { كما قال بعض العلماء} لا طريق إلى معرفة الإجماع إلا فى زمان الصحابة رضوان الله عليهم . انتهى{1}

------------------------------------------------------------------------------------------------------------

{1} الإجماع لابن المنذر النيسابورى 
أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري
تاريخ الوفاة319
ترجمة المصنفابن المنذر (242 - 319 هـ = 856 - 931 م)

محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، أبو بكر: فقيه مجتهد، من الحفاظ.
كان شيخ الحرم بمكة.
قال الذهبي: ابن المنذر صاحب الكتب التي لم يصنف مثلها.
------------------------
شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -

سُئِلَ شيخ الإسلام عن معنى اجماع العلماء , وهل يُسَوغُ للمجتهد خلافهم , ومامعناه ؟ وهل قول الصحابى حُجة ؟

قال رحمه الله :

الجواب : الحمدلله , معنى الإجماع أن تجتمع علماء المسلمين على حُكم من الأحكام , وإذا ثبت اجتماع الأمة على حُكم من الأَحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم , فإن الأمة لاتجتمع على ضلالة , ولكن كثيراً من المسائل يَظنُ الناس فيها إجماعاً ولايكون الأمر كذلك , بل يكون القول الآخر أ





هناك تعليق واحد: